لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة
اعتراف ما قبل البدء: قرأتُ النسخة الإلكترونية.
مبدئيًا؛ منذ سمعت باسم الرواية، أعجبت به. للإسم وقع كبير ومغر وترشحها لجائزة البوكر ودخولها القائمة القصيرة رشحها عندي للقراءة. الإسم رغن طوله إلا أنه ملفت ويشي بما في الرواية. الحقيقة أن هناك سكاكين كثيرة في المدينة..سكاكين تقطع من كل جانب. تقطع كل شيء ولا تتوقف.
الرواية مشحونة من العنوان إلى النهاية. ليس فيها ثمة فسحة لتتنفسَ بشكل طبيعي. تجري وارء الأحداث المتسارعة والذاكرة الممتلئة بالأخبار والحكايا السري منها والصريح. نفَس الكاتب عريض ولكنه سريع بما يكفي ليجعلك تتوه في الفقرة الواحدة وتعاود القراءة لتتأكد أن شيئًا لم يفتك. سرعةَ الأحداث وتداخلها بشخوصها ومشاكلهم تؤسس لسيرة مدينة كاملة. الاسقاطات السياسية صريحة وواضحة تُشكل معاناة حقيقة. وليست الدراما السورية بعيدة عن ذلك. الرواية تؤرخ لحقبة تاريخية مهمة وظلم ما زال يستمر ويؤثر على الناس ويطحنهم مهما تغيّرت المسميات. النسق الإجتماعي في الرواية مُحزن. تداعيات السياسة على حياة الأفراد مؤلم وعنيف، ليس صادمًا بقدر ما هو مؤذ. أن تعلم أن العالم لا ينتظرك، إنه يريدُ أن يهبك الموت ولكنه لا يستطيع اجباره عليك.
أسلوب الكاتب سلس بما يكفي للتنقل بين الأحداث والشخصيات. ناضج بما يكفي ليُسطر المرارة. أكثر الاقتباسات التي يمكنك الخروج منها من الرواية عن عن طعم الحياة العلقم..الموت والسوداوية.
عندما انتهيت تنفست بعمق. أحسست بأن الذاكرة الموقوتة للكاتب انفجرت على الورق. تستطيع أن تتحسسَ الروائح في الرواية البشر ولزوجتهم..الخوف..والموت والجنس..الأمل الذي يطلع ويبهت..ولكن الأشياء..كل الأشياء بطعم المرارة.
لم أقرأ بعد بقية الروايات المرشحة للبوكر..لكني لا أستبعد فوزها.