معرض الدوحة للكتاب 2015
لن تسمح لك الحياة بالتقدم ما لم يكن الكتاب أولويةً فيها. عَلمتنا القراءة أننا حينَ نقرأ نَكبرُ في الاتجاهِ الصحيح. وأن الذين يقرأون تكون أعمارهم مضاعفة لأنهم يعيشون مع كل كتاب حياة أو أكثر. وأن الذي لا يقرأون يخسرون رؤية العالم من زاوية منفرجة.
حينَ تأتيك الفرصة لتقرأ المزيد من الكتب وتتطلع على آخر الإنتاجات الأدبية والفكرية عليك ألا تتردد في ذلك، فلا يمكنك التنبؤ بما قد تخسره. لذلك أجد في معارض الكتب فرصة مهمة يجب اقتناصها إن لم يكن للشراء فللتصفح وتنفس رائحة الكتب. بالأمس كنتُ في زيارةٍ لمعرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الخامسة والعشرين، الأمر الذي يجعلك تتساءل: ما الذي يميز هذه النسخة؟
في الحقيقة لا أجد ما يميز هذه النسخة عن سابقاتها. وأعني جعل المعرض تظاهرة ثقافية حقيقة يتوق إليها القرّاء في قطر ويسعى إليها القرّاء من خارجها. للمعرض ايجابياته وأهمها سمّة الهدوء. يمكنك التجول بسلاسة وتصفح الكتب على مهل. لن يزعجك أحد ولن ينتابك احساس العجلة من أن هناك أشخاصًا آخرين ينتظرون نهاية وقوفك لأخذ مكانك. هناك أيضًا مساحات جيدة في الممرات وبين دور الكتب.
أما السلبيات فليست إلا أمورًا مكررة لم يتم تفاديها في النسخ السابقة للمعرض كما هذه النسخة. مثل محرك البحث عن دور النشر والكتب الذي لا يظهر نتائج بحثية سليمة إما لعدم تحديثه وإما لقصور آخر. أو مثل إشكالية اختيار ألوان تتناسب مع الحالة الذهنية لقارئ أو أبو باحث، فقد تم اختيار اللونين البنفسجي والزهري كألوان عامة للمعرض. وهذا ليس إلا دليلاً على العشوائية التي يتم فيها التخطيط للمعرض. هناك الكثير من اللبس في جدول الفعاليات حيث أكد عدد من المدعوين لإلقاء ندوات ثقافية (الذين وضعِت أسماؤهم في جدول فعاليات المعرض) عدم تأكي حضورهم مع الجهة المنظمة أساسًا. من جديد السلبيات هذه السنة مكان إقامة المعرض حيث اختير مركز المؤتمرات ليكون موقع الحدث. واشكالية مركز المؤتمرات المسافة الشاسعة بين مواقف السيارات وبين المعرض. والحق يقال أن الجهة المنظمة قامت بتوفير حافلات لنقل الزوار لتسهيل الوصول للمعرض.
ستبقى مشكلة معرض الدوحة الدولي للكتاب مشكلة سنوية قائمة إلى أن اعتباره حدثًا حقيقًا يمسّ واجهة الدولة الثقافية بشكل مباشر. وفي سبيل ذلك على الجهة المسؤولة البدء بإدخال دماء جديدة شابة في مرحلة التخطيط والإعداد. والبدء في اعداد استراتيجية ثقافية تتناسب واحتياجات الدولة والدور الذي تتطلع له.