غرفة العمليات..!
بقلم: غيداء السياري
تويتر: @GhaydaSI
***
كل شيء هُنا يوحي بكل شيء إلا الحياة!
صحيح أن كل شيء هُنا مشبعْ بالبياض لكن لا أدري لمَ عيني كانت ترى الأشياء سواداً قاتماً!
كما القبور الموحشة الضيقة المظلمة في الليل
السابعة صباحاً:
مستلقية على السرير الأبيض و كعادتي في الانتظار
أديت صلاة الضحى
قرأت سورة البقرة
وانتظرت..!
الساعة العاشرة صباحاً:
وبدأت معاناة الطبيبة في غرز الإبرة داخل عروقي لم تجد سوى العروق الصغيرة و كأن عروقي تُحس بالخوف مثلي تماماً فتهرب!
و بعد مرور حوالي ربع ساعة تمكنت من ايجادها وغرزت المغذي..
وانتظرت..!
كل تفكيري الآن مشابهٌ للموت تماماً
الأفكار السوداوية..صوت أمي..وتوجّع الطفلة التي بجانبي..!
الساعة الثانية والربع
غيداء..
هل غيداء هُنا؟
تجيب أمي بنعم
و بدأت نبضات القلب تنبض بسرعة شديدة جداً وبدأ الأكسجين بالاختفاء فجأة..!
نقلوني إلى سرير أخر
غُطيتُ بِالغطاء الأبيض كما “الميتة”
هكذا كان شعوري
وأخذوا يمشون بي في الممرات
أنا الآن لا أرى شيئاً لكن أسمع أصواتهم
أتعرفون عندما تُنقبض روح الإنسان وحين يتم الدفن تعود روحه له فيسمع قرع النعل الراحلة..ولكن لا يراهم؟!
هكذا كنت أنا!
ووضعوني في إحدى الممرات
وانتظرت..
إلى أن يأتي الطبيب
و يستفسر عن الأمراض
هل لديك سكر؟
هل لديك الضغط؟
لديك مشاكل في القلب؟
تعانين من الربو ؟
كانت إجاباتي مترددة خائفة
لأول مره يستفسر طبيب عني و يسألني عن بعض الأسئلة دون أبي وأمي
كان هناك صوتي بداخل يقول: “أريد أمي ..أين أمي؟! “
كان لدي رغبة شديدة بالبكاء
لكن المكان والوقت لا يناسبان البكاء
بعدما انتهى الطبيب أمرهم بنقلي إلى غرفة العمليات..!
وعندما دخلت تلك الغرفة
وأزالوا الغطاء عن وجهي
كانت المرة الأولى التي أرى فيها غرفة العمليات
غريبةٌ جداً..
-الأجهزة الكثيرة
-الأطباء الكثيرون
-الأصوات
جميع الأشياء غريبة هنا..
ولكنها كانت..
تجربة غريبة وجميلة أيضاً..
أيقضت في قلبي ( شعور الموت)..!
تعبيركـ أثر بي كثيراً.. :”(
وقلمكـ إستطاع أن يكتب ما أنا عاجزه عن كتابته..
فتعبيري عن ما مر بي في غرفة العمليات قبل عده أشهر لم استطيع أن اعبر عنه.. توقف حبر القلم..وتوقفت اصابعي..وهربت مني الحروف والكلمات..وبقيت دموعي تنهمر على وجنتي طويلاً..طويلاً..بقيت دموعي تعبر عن الذي عجز القلم التعبير عنه.
الله يشفيك يارب حبيبتي اسلوبك وكلامك يجنن ما شاء الله