الصداع النصفي..والشلل الكلي..!

منذ فترة طويلة وأنا أعاني من نوبات صداع تفتك بكل قوايّ، ومعها أعجزُ عن القيام بأي شيء سوى تعاطي بعض المسكنات التي لا تفيدني غالباً وأظلُ في حالة يُرثى لها وتتوقفُ عندها حياتي حتى أنام! ولأنني أعاني من حساسية مزمنة كان تفسير الأطباء الوحيد الذين زرتهم أن هذا الصداع مرتبط بحساسية الجيوب الأنفية مؤكدين على وجوب أخذ دواء الحساسية مدى الحياة. ولأن أكثر من طبيب فسر لي الموضوع على هذا النحو لم أفكر في وجود تفاسير أخرى حتى أخبرني أحد الأطباء أن التدخل الجراحي في الجيوب الأنفية قد يساعدني لمدة 6 أشهر حيث سأرتاح من  الصداع فيها. هنا قررت أن أذهب للبحث عن علاج آخر غير أدوية الحساسية وغير المسكنات التي ما عاد عقار (بروفين 600) يفيد معه مُطلقاً.

ذهبت إلى أحد أفضل جراحين الأنف والأذن والحنجرة في بريطانيا والذي قال لي بعد الفحوصات بالحرف الواحد: “ارمي كل الأدوية التي تستخدمينها في القمامةّ!”. ولأن مشكلتي الأساسية هي الصداع فجيب أن أرى طبيباً متخصصاً في أمراض الرأس.

هنا بدأت الرحلة الجديدة، في الموعد وبعد أن سألني الطبيب عن حياتي وأجرى لي فحوصات عدة وبعد أن تأكد من أن نظامي الغذائي جيد، وأني لا أعاني من أمراض مزمنة قاتلة، وأني آخذ كفايتي من النوم وأحياناً أكثر، انتهى إلى أني أعاني من نوع من أنواع الصداع النصفي (الشقيقة) وخيرني في أمر العلاج بعد أن أطلعني على احدى الدراسات التي أجريت في أمريكا الجنوبية مع عدد من المصابين بالصداع النصفي. مفاد هذه الدراسة أن الجسم الذي لا يستخدم أي أدوية مسكنة مطلقاً لمقاومة الصداع: وبعد عدة أسابيع من المقاومة للصداع يبدأ الجسم في علاج نفسه ومقاومة الألم بنفسه. وبالتالي تنتهي نوبات الصداع. أما العلاج الثاني فهو بأن آخذ علاجاً يومياً لمدة ثلاثة أشهر لثلاث مرات في اليوم في أوقات محددة ومعلومة بعد الوجبات وأن أنظم كل حياتي بحيث تكون على روتين واحد كأن أصحو من النوم يومياً وحتى في العطل الساعة السادسة والنصف ثم وجبة الافطار ثم الدواء وهكذا مع العلم أن هذا الدواء يسبب حموضة في المعدة فيتطلب أخذ دواء آخر للتخفيف منها. أو اللجوء إلى أحد علاج للصداع النصفي وهو الحَقن بإبر البوتكس.

وبدون أن أفكر اخترت العلاج الأول، وهو الامتناع عن أخذ أي أدوية مسكنة أو أي أدوية أخرى ومقاومة الصداع إلى أن يشاء الله و”يحِّل” عني تماماً. مر على هذا الأمر ما يقارب الثلاث أسابيع بدون أدوية مع نوبات صداع حادة أحاول مقاومة رغبتي الجارفة في أخذ أي مسكن أو ضرب رأسي في أقرب جدار أو حتى التخلص منه تماماً! ومع مقدار الألم الذي أشعرُ به إلا أنني أحس براحة تامة لخلو جسمي تماماً من أي نوع من الأدوية.

في الفترة الماضية قرأت كثيراً عن الصداع النصفي وعن طرقُ التخفيف من حدته. وما حدث أنني أصبحتُ أتتبع الأشياء البسيطة في حياتي، مقادير الطعام التي أأكلها بحيث لا أصل في الوجبة الواحدة إلى مرحلة الشبع التام. حرصت على ادخال الخضار بشكل أكبر في أي وجبة. بدأت أراعي مواعيد القهوة، صرتُ أهتم أكثر بطريقة جلستي عند القراءة أو الكتابة والأجواء العامة المحيطة بي. طريقة تنفسي، وحتى نمط استمتاعي بالحياة حولي. هذه التفاصيلُ التي قد لا يلتفت لها البعض فارقة في تشكيل أنماطِ حياتنا وتسييرها.

قد لا يكون أمر تتبع نمط حياتك أو تغييره سهلاً، ولكنه حتماً سيساعدك في اكتشاف أشياء عن نفسك قبل أي شيء آخر. لا شيء يأتي سهلاً لذلك احرص على أن ترسم حياتك بين خطي الصبر والأمل. وتذكر أن لكل شخص طريقة خاصة في مواجهةِ مخاوفه. ولكل جسد قدرة هائلة على التحمل لو أراد صاحبه ذلك.

Similar Posts

One Comment

  1. مرحبا شيماء !

    أعتقد أني سأشعر بالتضامن حيال وجود من يعاني مثل معاناتي ..
    الصداع النصفي حالة رهيبة لا يمكن علاجها أو لا يوجد لها علاج ..
    تجربتك اختصرت عليّ التفكير في البحث عن مزيد من الحلول .. مراقبة العادات الغذائية و طريقى الجلوس و الابتعاد عن المؤثرات التي تشجع نوبة الشقيقة على القدوم 🙂

    منذ اسبوع زرت احد الاطباء الاعصاب لرؤية مايمكن فعله لمحاربة هذا الداء العضال .. بدأ يكتابة وصفات ، وغيره ايضا … وكلا من استشرته اخصائي كبير في قسمه ..
    الخلاصة اني لم اجرب تناول اية حبوب مهدئة للالم ، حتى البندول لا اتعاطاه نهائيا ..

    اكتشفت شيئا جيدا وهو الكمادات المثلجة و الباردة .. ستقلص حجم الالم الى 70 بالمئة !
    كنت فقط اتساءل لماذا لم يخطر ببالي هذا الشيء بدلا عن معاناة السنوات السبع مع الصداع النصفي 🙂

    الاسترخاء .. “انا شخص متوتر نوعا ما ” ، والنوم ثم النوم .. فاضطراب النوم وقلته سبب رئيسي في مداهمة النبوات المؤلمة .. و الابتعاد عن مصادر القلق و التوتر .. الابتعاد عن تناول البيض و الجبن بكميات كبيرة .. القهوة مفيدة جدا .. تناولها بشكل يومي ..و تناولها ايضا بمجرد مداهمة النوبة ..

    السبب الرئيسي للصداع النصفي هو تمدد مؤلم في اوعية الدم في الدماغ .. و البحث عن وسائل علاجية وقائية “من غير الادوية ” امر جدير بالاهتمام ..

    احييك على تخيلكِ عن فكرة تناول الدواء ..

    واتمنى لك ولي الشفاء العاجل ^_^

    تحياتي

    لبنى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *