إنها أمي..!

لأني -من المفترض- أن أكتب نصاً أدبياً غزلياً كل أربعاء في مدونتي، ولأني لم أفعل ذلك منذ فترةٍ طويلة فخير عودة لنص الأربعاء أن أكتب عن سيدة الأدب والغزل..أمي. وحتى أكتب عن أمي أحتاجُ إلى أبجديةٍ أخرى لأن أمي ليست ككل النساء بل هي اختزال لكل النساء. علمتني أمي أن أكتب.. وأتكلم وعلمتني كيف أكون سيدة أنيقة مثلها. اسم أمي (شيخة) واختارت أن أشاركها في حروف اسمها فاختارت أن تسميني (شيماء) تيمناً بأختِ سيّد البشر عليه الصلاة والسلام. ولا أذكرُ أني لم أحبّ اسمي يوماً لأني حسبتهُ منذُ زمنٍ بعيد خليطاً شكّل شخصيتي. فشُكراً أمي.

تقرأُ أمي كل ما أكتبُ وتعلقُ بقلبها وخوفها عليّ قبل كل شيء، وتدمعُ عينها إن قرأت كلاماً حنوناً. وأنا لا أريدها أن تبكي مُطلقاً. أحسبُ أن أمي جنّة إن بكت لن يكونَ غيثُهَا إلا كوثراً تنبتُ على ضفافهِ سنابلُ من نورٍ وحدائقُ حنان. لا يمكنني أن أتحدث عن أمي دونَ أن أنحاز فأمي أصلُ الأشياء ومنبعها. وأحسبُ أن لو أرادَ الله يخلقَ مادةً لتوازنَ الأشياء لخلقها من ضلعِ أمي.

أمي امرأةٌ تعرفُ ما تريدُ دوماً حتى وإن كانت مترددة أحياناً وقرراتها في الحياة نافذة. لم تقبل بأي رجلٍ يطرقُ بابهَا ولكن عندما جاء أبي أدركت بحدسها أنهُ الرجلُ الذي يجبُ أن تكمل معهُ حياتها، فكان أبي قمراً وأمي سماء يتبادلان الأدوار فكُنّا أنا واخوتي النجوم.

لأمي قلبٌ يشبهُ الرحيق يميزُ الطيبَ ويجعلُ منهُ زهراً تنفثُ فينطلقُ النحلُ بأطيب الرحيق للعالم أجمع. يدُّ أمي خيّرة وعطاؤها غيث. تساعدُ كل من يحتاج ولا تقولُ لا..! لا ترضى أن لا تساعدَ فقيراً ولا تقبلُ أن يقال أنهَا ما أغاثت. تذهبُ إلى كلُ مكانٍ محملةً قبل المالِ بقلب. تبكي للمجاعاتِ وتمدُّ يدها تدعو فيهطلُ المطر. لا أعرفُ عدد الناسِ الذين يدعون لأمي كل يوم ولكني أعرفُ أن أمي لا تنسى أحداً..!

هل أمي ملاك؟ كلا، ولكن أمي من أرقِ أنواعِ البشر، تغضبُ ثم ترضيها كَلمة وقبلةُ رأس، تتعنتُ ثم تضمّنا وتبكي هيْ! أمي حينَ تغضب على شيء أو أحدنا يعمُّ غضبها على كل شيء له علاقة أو ليس له علاقة ثم بعد دقائق تنادينا جميعاً للغداء وأجزمُ أن أمي تعتذرُ لكل شيء غضبت عليه يوماً في سرّها..!

أمي ككلِ الأمهات تقول لي وأخواتي الأربعة (أن الله ما أعطاها بناتاً مثل الناس) ولكنهَا في قرارةِ نفسها وأمامَ الناسِ تدافعُ عنَا وتقفُ للكلِ كوتّد. متأكدةٌ أن أمي ستقرأ هذا المقطع وستقول لي: (يعني لازم تقولين هالكلام تعرفين انه من ورا قلبي وشكثر أنا أحبكم!). أمي شفافةٌ لدرجةِ أنك تستطيعُ قراءةِ نبضها فترانا جميعاً فيه.

أكادُ أجزم أن الله يحبُ أمي ولا يخذلها مُطلقاً. وأجزمُ أنها لفرطِ بياضهَا وبياضِ يدهَا ستكون سيدةً من نساء الجنة ثمّ لن يضاهيهَا في الحسنِ أحد. اللهم متّع أمي بما أنت أهله ومدّ في عمرهَا وبارك لها ولنا فيه يا خيرَ من سئل فأجاب.

Similar Posts

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *