قلبي وقلب عوشه..!
أتناقشُ دوماً مع أخواتي حول القلوب التي نستخدمها في حواراتنا المُختلفة، فأنا أستخدمُ هذا القلب “♥” الذي أراهُ قلباً مُفعمَاً ومليئاً بالحب والعاطفة وتراهُ (عوشه) أختي قلباً أسوداً حقوداً خلاف القلب الذي تستخدمهُ هي “♡” حيثُ تراهُ قلباً صافياً ونقياً وأراهُ أنا قلباً فارغاً من العواطفِ هشاً. وتتراوح آراء بقية أخواتي حول هذا القلب ما بين مؤيد ومعارض وبين من لا يعينه أيهما!
تأتي الأفكار الجديدة من تلاقح وتلاحم أو تضاد وجهات النظر المختلفة وتنمو وتتطور في البيئات التي تحترمُ الاختلاف وتتعايشُ معه على أنهُ أساس بناء لا على أداةُ هدم. إن وجهاتُ النظر المختلفة تُعطي كل موضوعٍ روحاً مختلفة. والنقاشاتُ المبنية على أسس ومفاهيم واضحة ركيزةٌ أساسية في عملية التطوير والإنتاج فهي اللبنةُ الأولى التي تخلقُ فلسفاتِ الأشياء وما وراء كل فكرة.
إننا نختلفُ لأننا نأتي من بيئات مختلفة، من نظريات مختلفة في التربية يطبقها علينا أهلنا، من بيئات ثقافية واجتماعية ودينية متفاوتة، من عرقيات بأنماط وطقوس معينة، لذا لا يمكن أن نكون نسخاً مكررة من بعضنا وإلا ما الداعِ من خلقنا على هذه الشاكلة ومن هذا الخليط؟!
يجهدُ البعض نفسه في تفسير الاختلاف وتبريره مع أنه من البديهيات المنطقية. ثم يختمُ كل نقاش جدلي بجملة افتراضية مثل: “اختلاف الرأي لا يفسدُ للوّد قضية”! إلا أن النفوس غالباً لا تكونُ صافية بعد أي جدال لأن هذا لا يدخلُ في نطاقِ قناعاتنا المستلهمةِ من تربيتنا وممارساتنا. فالحقيقةُ المرّةُ أن الاختلاف عندنا يفسدُ ودّ أغلب القضايا –إن وجد- وأننا نرفعُ شعاراتٍ قد لا نؤمنُ بها تماماً.
المناقشاتُ الحية توسعُ المدارك، نتفق في عمليات البناء ونتقاطع في الآراء والتفكير ونصل للمخرجات المميزة من النقاش الإيجابي. نفكر بهدوء وروية، ونعطي الفكرة مدىً صالحاً حتى تنضج تماماً ثم نقرر، ماذا نريدُ بعد؟!
أخبرتني إحدى الصديقات أنهم يميزون في التعامل من يخالفهم في المذهب، وأن ذلك بديهي حتى ولو كانت المُخالفة إنسانة راقية وبديعة في الخلق والتعامل! ولا أستطيعُ استيعاب طريقة التواصلِ هذهِ وما يحكَمهَا من أفكارٍ مسبقة تتحولُ إلى مسلمات! حينَ تدخلُ في أي نقاش لا تكن حاداً أو منفعلاً، أدخل بقلب منفتح، وعقلٍ متسع، انبذ كل ما هو سلبي وعنصري وطائفي وكن حياديَاً ما استطعت. ركز على صلب الموضوع دون تحويله إلي وجع فكري ووجع سلوكيّ، أو إلى شخص مناقشك، أو ناظراً إلى ما وراء قصده.
إن كثيراً ممن يُحسبون على المثقفين والنخب، هم مُنحازون إلى أفكارهم وآرائهم دون أن يلاحظوا ذلك! إن هدف النقاشات المُختلفة، أسجل رأيا ، أوقع أدناه وأتحمل مسؤوليته ضمن حرية الرأي. هناك دوماً ما يحتمل الصواب وهناك ما يحتمل الخطأ وليس نصا شرعياً.
إن الاختلاف ضرورة ومطلب، وواجب تقبل الاختلاف حتى يبقى التنوع خياراً مفتوحاً للجميع. إن تقبل الاختلافات بشكل صحي يقود إلى التعايش السليم، والتعايش السليم يُدني منا حلم السلام الكبير. جميل أن نؤمن بوجود الاختلاف، وقاسٍ أن نفكِّر بالضِّدّ من دون حول لنا ولا قوَّة، ولربّما يوصل البعض الأمر لحدّ الاستهانة بالكثير وهذا مؤلم . إن الاختلاف نعمةٌ مسبغةٌ من الله على عباده، فكيف يستخدمها العباد لتكون أداة تناحر؟!
كلُ ما حولنا ثقافة. تقبلُ التنوع والاختلاف ثقافة. ثقافة عليها أن تنتشر حتى يكونَ هذا الجيل واعياً بما يدور حوله. حتى يستوعب الأفق الرحب الذي يتنافسُ فيه الآخرون وحتى يبقى مُسالماً وهادئاً في القضايا التي لا تحتاجُ منهُ أن يكونَ مُنحازاً ومُتعصباً. خطوةُ اقتناع أولى تأتي بغيثٍ من خطوات عمل مؤثرة.
تأتي الأفكار الجديدة من تلاقح وتلاحم أو تضاد وجهات النظر المختلفة وتنمو وتتطور
في البيئات التي تحترمُ الاختلاف وتتعايشُ معه على أنهُ أساس بناء لا على أداةُ هدم..
أسجل رأيا ، أوقع أدناه وأتحمل مسؤوليته..
إن الاختلاف نعمةٌ مسبغةٌ من الله على عباده، فكيف يستخدمها العباد لتكون أداة تناحر؟!
مقال رائع.. يصعب اختزاله بجمل منتقاة.. شكرا لك..
أهلا بالتي في السماء دوما ..! سحاب
في جَدْبٍ كانت الزاوية من الغياب ثم أمطرت، وازدان الأديم بالعُقَق. عاد المداد.. عاد يشتعل كالأثافي.. الكلمات جميلة جدا .. رائعة قطعا.. وآسرة بدرجة كبيرة .. تمد هالتها فوق اللفظ والمعنى !. الاختلاف أمرا صحي في بناء المجتمعات ..والإقصاء كائن مخيف .. فتاك .. قتل كثيرا من الناس .. حطم كثيرا ..
لا يجدون أثرا لغرسهم .. جعلنا نشعر بالألم .
نصا يشبه الريح الشديدة التي تحرك كل شيء في مكانه .
آسرة كأستاذة متمرِّسَة.
أشكر الله ألف مرة هذا المساء.
كلام رائع جدا … وأفكار مضيئة لدروبنا إن اردنا أن نبني حاضرنا ومستقبلنا علينا أن نحترم ونقدر ونقبل بعضنا مهما كانت أفكارنا ومعتقداتنا ومذاهبنا … بارك الله فيك وفي كل من يسعى ليجعل من حياتنا نور وضياء يشع من بعيد ليضيء الدروب المظلمة
شكرا لك