#رسائلهما

a791a688b002c18caa5c8be3dca9aa08

 هو

حبيبتي سابقًا..حبيبتي الآن..وحبيبةُ كل اللحظات التي ستكون. أقرأ رسائلكِ والوهنُ يَجتاحُ جسدي وحرارة بُركانية تتوسدُ أطرافي منكِ. أنسى كل قسوةَ الحياةِ معي، وأحاول استيعابَ القسوةِ التي فرّت منك. إنها ليست منكِ، وليست أنتِ. إنها طارئ لا يناسبك. أنتِ الرقيقةُ التي تشبهُ الزهرةَ في تَفتحها: ملونَة. وآخر الولعِ في روعته: فاتنة. تُلقين كلامًا تريدين منه أن يكون سهامًا تتوالى تهاجمُ قلبي دون أن تَعلمي أو تسألي عن أسبابي. ودون أن أعرف لماذا فارَ تنور غضبكِ واستوى خبزُ رحمتكِ يَباسًا. ولكن هدأي من روعك يا صغيرتي، وإن كان يرضيك، خذي هذا صدري مُشرعًا لطعناتكِ فافعلي ما شئتِ. الحقيقة أنّي سلمتُ لك..تسليمًا كبيرًا.

صغيرتي.. وأعرفُ أنك الآن لا تريدين أن تسمعي مني شيئًا سوى تبريرًا لترضيّ عنّي. ولكنّي لا أجدُ ما أبرر به خيباتكِ معي، ولا أجدُ ما أفعلهُ لأجعلها لا تتكرر. ضائعٌ أنا بينَ هشاشتي وقسوةِ نفيّك إيايَ خارجك. بالله عليكِ لا تفعلي وارضي عنّي حتى لا أحسّ أني منبوذ بائِس. فلا خير في أرض لا تباركينها أو سماء لا أرى فيها عيونك سحابًا وصحوًا. أخبرتكِ مرارًا أنك استجابة دعاءِ أمي لي وأنا أمشي وحيدًا أتلفتُ حولي حتى أحس بالأمان. ولما صرتِ معي وصرتُ أنتِ، لم يعد للتلفتِ معنىً، فحضورك كل الأمان. فقير أنا بدعائي وغنّي بوجودك. حتى لو كنتِ تشيحين النظر عنّي. افعلي، فليس مُهمًا أن أكون في محيط ابصارك الأهم أن أكون ساكنًا في بصيرتك.

حبيبتي..قد لا يكون معي ما يقيكِ سوء تصرفي، ولا عظيمَ جهلي ولا بدائية حماقاتي. ولكن خذيني كما أنا، جاهلا بأمور النساء، عَازمًا أن تكوني أنتِ أولهنَ وآخرهن. لا تتصوري وإن غضبتِ واستشطتِ أن أنهركِ وأقول: توقفي وكفاكِ. بل سأصمتُ لتستمري في قولِ كلام يحرر داخلك، ويطلقُ انقباضاتِ صدرك للأمل. وسأظلُ مُتماسكًا ومُمسكًا بنظراتك اتجاهي. كما نظرتكِ أول مرةَ، الواحدةَ التي أحبَبت. في الغضب يا صغيرتي يتجلى الطفل داخلنا، الطفلُ الذي يرفض كل الخياراتِ ويتمسكُ بكلمة واحدة: “لا”. هل أخبرتك يومًا عن التين الشوكي؟ أنتِ تشبهينه. صغيرةٌ وشهية، لك شوكٌ ولكنه يُزال بالتروي. لسانك فيه شوكة وصدكِ شوكةِ. يُزال الشوك والحلو أسفله. الحلو يقطع على أرباع، ابتسامتك قبل الرضى وحتى مُنتهاهُ مُقسمة ومتدرجة. وحين تؤكل الأرباع تبقى اللذةُ طويلا. أنتِ هكذا، تينٌ شوكي حينَ تغضبين وترضين.

ذكريني ماذا يقول محمد عبده؟ الحياة وش هي الحياة إلا مشاهد ناظريك*. دعيني أفكر. كلا لو اقتصرت الحياةُ على عينيك لصارت رمادًا حين تغمضينها حتى ولو لرمشة عينٍ واحدة. لا يمثلكِ هذا الشطر.

ماذا تقول الست؟ الحب كله حبيته فيك* أيضًا لا. الحبُ عندي نماء. كأن الحب في شطرها هذا محدود. حبكِ أكثر. حبكِ أكبر. حبك سماء. حبك أرض. ليسَ خريطة. ليس عالمًا. حبك غير محدود كتخيل الجنة.

اتركي عنك وتعالي أخبركِ عن الحياة. أعنّي كيف أرى الحياة. حياتي. أرى الحياة يا صغيرةُ منكِ لا من خلالك ومن ثقب صغير فيك، بل ككل، كنبع تتفجرُ منه كل الأشياء. أنتِ يتفجرُ منك كل شيء يحييّ. أرى الحياة من خلالِ منظوركِ لها وإن قصُر مددتُ نظري لعقلكِ لأرى ما فيه. أنتِ تفكرين بتناسق فطري وهذا يكفي ليكون منظورها بالنسبةِ إليَ أكبر. قلبك يخفق، وهذا يعني أنني أحيّا، أن الدمّ في عروقي لا يتوقف. لا اشارةً للحياة فقط، بل بلا خوفٍ من فقد النبض ولا خوف من أن أكون وحيدًا. الخوفُ يا حبيبتي سمُّ الحياة وموتها في العروق. أطرافكِ الدقيقة بامكانها أن تكون كل الموسيقى. أنتِ حين تقلمين أظافركِ تشذبين حياتي وتجملينها. ابتدأُ يومي مع حساسيتك. عَطسةٌ تعني (صباح). صوتكِ (الجرائد). كوبِ قهوتك (المنبه). عيناك حين تتوهان في كل مكان بحثًا عن الوقت الضائع عند التأخِر (الضياع). شعرك المفتوح والمفروق كليةً على جنب (باندول). ابتسامتك على تعددها (شِعر ونثر) وضحكتكِ (القصائد). كتابتكِ (النَفَس). فرقعةِ أصابعك (التوتر). ليلي، (عطرك) الرقيق وبدايتهُ (دهانُ) يديكِ العاطر. النومُ (خدرك). (النعاسُ) وشوشتكِ وأنت تقرأين الأذكار. (الأرق) فركك لقدمك اليُمنى باليسرى. رموشكِ (الفتنة). وحين أتحدثُ عن الفتنةِ عليّ أن أقول: أن طعمَ قُبلكِ ألذُ من سكاكرِ الطفولة، وغنجكِ يُغري أكثر من اثبات الرجولة. أيكفيك، أم أزيد؟ مسمياتُ حياتي منك،..إليك..بك..لهذا..وافتحي عينيكِ جيدًا وأعيدي القراءة مرارًا، وتخيليني أُفرغُ نظراتي الملتهبةَ في عينيكِ، وأنفاسي أقربَ من أنفاسي لكِ. إذا كانت حياتي كلها أنتِ، فيحقُ لك أن تخرجي من أبوابِ قلبي وتتفسحي في حدودي نبضي..شراييني..محيط صدري..أطرافي، ولكن..ولكن..إياك وإياك، أن تغلقي الأنوار اثرَ خروجك وتتجولي خارجًا مني، بعيدًا عني..حتى ولو في فسحة. الأنوار المطفأة تعني الوحشةَ. وأنا لا تلائمني الوحشةُ وأنتِ حبيبتي والنور. اياكِ وحدودي. فأنتِ أرقُ من القَتل.

صغيرتي..عيناكِ حين تغرورقان بالدمع أمامي، تتكثفُ المحبّة في قلبي، وينزلُ حناني إلى أرض، أنبتُ وتنبتين من جديد. أنتِ نبتتي، سدرتي وجذوري. وأنا، مهما بَعدتُ قدماي، لا تباعدان عتباتِ بابك. قولي يا سدرتي..يا سندي..يا أنا: إنّي رضيت.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *