طيب..وإذا ما أعرست؟!

منذُ فترة وأنا أفكر في كتابة هذا المقال، وكنتُ قد عزمتُ على أن أكتب في موضوعٍ آخر، لولا المكالمة التي وردتني من إحدى الزميلاتِ قالت لي فيها بعد السؤال عن الحال والأحوال: “إلا شخبار فلانة! ما أعرست؟!” فرددت: لا والله! فقالت: “وعليا مسكينة، الله يعطيها!”. فعزمتُ أن أكتبَ هذا الموضوعِ بلا تردد.

أعتقد أن هذا الحديثَ متكرر وقد يسمعهُ البعضُ على مدار الـ(24) ساعة وأكيدةٌ أنه لتطرفهِ وإلحاحهِ قد يظهرُ في أحلام البعض. يرددُ الكثيرون أن الإسلام حرر المرأة، إلا أنهم في  تعاملهِم معاها يظهرُون العكس! فكم رأينا بأعيننا ويومياً نساءً في المقعدِ الخلفي وصبي لم يتجاوز السادسة “يا دوب يبيّن” في المقعد الأمامي، ونسمعُ رجلاً فارعَ الطويل عريض المنكبين “مْشَخّصْ” يقول لزوجته: “امشِ وراي”؟! وكم يتذكرُ البعضُ (الرجال قوّامون على النساء)* ويتجاهل (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)*؟!

لستُ هنا لأقول بأن النساء هنّ “نصف المُجتمع”، ولا في معرضِ الحديثِ عن حديثِ (رفقاً بالقوارير) ولا عن حاجاتِ المرأة العاطفية، أو أيٍّ من ذلك، فقضيتي هي (المرأة) والتي في خلقت لتَخلق (إنساناً وبيتاً ومجتمعاً وحضارة).

يبالغُ البعضُ حينَ يرى فتاةً فيسألها من ضمنِ أسئلةِ السلامِ أو التعارف: “متزوجة؟!” وإذا كان الجواب “لا” يكون السؤال تالي: “مخطوبة؟!”، كأن المرأة لا تكونُ إلا بهاتين! وهذا ليسَ إلا ظلالاً واضحةً لفكرةِ التبعية التي يُرسخها المجتمعُ في أبناءهِ والتي قوامُها أن المرأة عليها دائماً ان تكون بمعيةِ “مَحرم” حتى ولو كان هذا “المَحرم” طفلاً، فالمهمُ أن تكونَ تحت “ظل راجل”. هذه النظرةُ تجعلُ من مراهقٍ يقول لأمهِ البروفسور في احدى الجامعات: “مْعَصِّي! والله ما تطلعين السوق بدوني”، فأيُّ بيئةٍ أنشأت هذا الفتى ليقولَ لوالدته التي أهدتهُ كل شيء وحمتهُ من كل شيء شيئاً كهذا. قد لا يكمنُ الخلل في التربية، بل في البيئة التي تحتضنُ هذه الأفكار وتنميها بدافع “الولد كبر”. والسؤالُ ماذا عن الفتاةِ إذا كبرت، من ينظرُ إليها على أساسِ أنها “كبرت” وليس على أساس أنه قد حان الوقتُ ليأخذها “حارس” ما، والذي قد لا يأتي سريعاً فتبقى بعضُ العيون الفضولية متربصةً بها: “ها بشري، ما في جديد مني ولا مناك؟!”

على مر العصور كانت المرأةُ تكافحُ وتناضلُ وترقى بعملها وجهدها، واليوم أثبتت المرأةُ أنها قادرةٌ على العملِ في كل الميادينِ بكل عزم وقوة، وبامكانها اتخاذُ قراراتٍ أفضل من أي “مُحنكٍ قدير” ذلك أن للمرأة امكاناتٍ جبّارة يفقهُها العاقلُ وينتقصُ منها الجاهل.

إن المرأة التي تعملُ وتنجزُ قد لا يشغلها موضوعُ الزواج إذْ أنها “مُرتاحة الذهن” والأهم أنها “معجبةٌ بحياتها الحالية” فليس من حقٍ أحدٍ بعد ذلك أن يتدخل في مشاعرها ويقول: “لالا..مافي مرّة ما تبي تعرس وتجيب عيال”! نعم، أنوثةُ المرأةِ تَزينُ أكثر برجل وأبناء ولكنها لا تنفي أو تنقصُ من كونها وكينونتها. فكلٌ مسخرٌ لمَا خلق له و”كلٍ ينام عَلى الجنب اللي يريحه”.

ثم وأعتقد أن أغلب الفتياتِ يؤيدن هذا الحديث: “وين الرجّال اللي ينقال له صدّق (رجّال)؟!”. وإذا كان المجتمعُ ما زال يفرضُ حصاراً بين الجنسين بشكل أو بآخر، ويأتي “الشاب اللطيف” بعلقية “أبي وحده صغيرة عشان أربيها” أو يشترطُ أن تكون الفتاة لا تعمل في “مكان مختلط” ولم تدرس في “جامعة مختلطة”، أو أجمل من ذلك حينَ يطلب مواصفات “باربي” وهو أقربُ إلى “شرشبيل”. ويأتي “أهله اللطفاء” حين يمارسون دور “الخطابة” فيبحثون عن فتاةٍ تليقُ بهِ فيطرقون باب “الغريب” قبل “القريب” واللقطةُ الأجمل حينَ يقولون لفتاة: “والله إني أحبك يا بنتي، الله يوفقك ويرزقك ولد الحلال!”. فتُسائلُ الفتاةُ نفسها:”طيب وولد الحلال اللي عندك، شوّضعه؟!

أعرفُ فتياتٍ من أروعِ ما يكون، فيهم من الأدب والخلق والذوق والرقةِ الشيء الكثير، وعاملاتٌ ومفكرات ومُبدعات لم يتزوجنّ بعد، ولا يشغلهن موضوع الزواجِ بالقدر الذي يشغلُ من حولهن! فهل واجبٌ عليهن، ندبَ حظهنَ وتمضية حياتهن حسرةً على “المزيون” الذي لم يطرق الباب؟! ألا يكفي تحملهن للعجائز اللطيفات في دعوةٍ من نوع : “الله يكبر حظّج يا بنتي”؟!!

ليست كلُ فتاةٍ لم تتزوج بعدُ فتاة “معيوبة” أو “فاقدةً لشيء”، إنما العقول التي تنظرُ إليها بتلك الطريقة هي العقولُ “المُعتلة”. والذي ينظرُ لغير المتزوجةِ بنظرةِ انتقاصٍ وإعجابٍ في نفسهِ فإنما يدللُ على نقصٍ في شخصيته.

(أعتقد أن الفكرة وصلت، “صح؟”..فهدوّا يا جماعة، والله يكبّر حظ الجميع).

____________________

*سورة النساء، آية 34

*سورة التوبة، آية 71

Similar Posts

8 Comments

  1. يعطيك الف الف عافيه وجزاك الله الف خير
    وكلامك سليم ميه بلميه من بعد اذنك ياليت تتكلمين عن تصرف اهل الزوج مع زوجته الي تكون طيبه وحبوبه وفجئه يقلبون عليه بكلام ماله داعي وتدخل في حياته وحيات زوجه وشاكره والله يكثر من امثالك

  2. مرحبا شيماء ..
    جميل ماكتبتي واحب ان اعقب من وجهة اخرى وهي نظرة الفتاه لنفسها
    لانك اشيعتي وابدعتي بتصوير نظرة المجتمع ..

    بعض الفتيات نظرتها واحساسها بانوثتها وكينونتها ناقصة الا بالزواج , وكانها لم تولد
    انثى طوال فترات عمرها الا عندما تزوجها الرجل ..
    فلا تكون جميله الا برجل ولا تكون انثويه الا برجل ولا تكون بنت عيلة الا برجل

    مع ان هذا غير صحيح ابدا ..
    هنا القتاه يجب ان تعاود نظرتها لنفسها وتتذكر انها انثى كامله سواء تزوجت ام لا
    وماالزواج الا وظيفه ووسيله وليست مقياس (للانسانيه والانوثه والرجوله)
    فكم من انثى عزباء وكم من متزوجه كذكر ..

    ويجب ان تستشعر انها ( ابنة ابيها ) وتعتز به , فليست مضطره لرجل يتزوجها
    حتى يعطيها اسمه وعائلته وكانها (طوال فترة عزوبيتها بلا اصل )

    ايضا كلما كانت الفتاه تعليميا وثقافيا وفكريا على مستوى عال , ستتعزز ثقتها
    بنفسها وتنضج استقلاليتها , وتصبح نظرتها لنفسها انسانية مستقله لاتابعه.

    المجتمع صعب السيطره عليه , اذن الحصن المنيع ضد نظرته وكلامه هي تغير
    فكرة الفتيات تجاه انفسهن ..

    تحياتي لك ..

  3. في امريكا كانت نسبه النساء العاملات في الاربعينات لا تتجاوز الاثنين في المئه …… ثار النساء وانقلبت الاحوال بعد الحرب العالميه الاولى وفي نهايه الستينات تغير نظام العمل واصدرت كم لائحه ساوت النساء بالرجال في الحقوق والان النسبه متساويه ففتي ففتي.
    كل النساء اللي درست معاهم في برنامج الماجستير الاداري في اغلب النقاشات يتمنوا الرجوع للماضي ويلعنوا العمل والمسئوليه والفواتير والاوضاع ويشتكوا من طاحونه العمل اللي سلبتهم الجوا الناعم وحتى الوصايه او الولايه من رجل والمضحك انهم ما عندهم مانع يمشوا ورا رجال في مقابل الراحه. الخلاصه ان في ناس بنزن على خراب عشها وهي مهي داريه ….. الوضع ممتاز مع بعض العيوب والعمليه تنشري شيله بيله … لو كانت المحاسن اكتر من المساوء اذا البيعه طيبه والزكي يحاول يقلل المساوء ويكتر المحاسن. الشي التاني اني اظن ان المرئه بطبيعتها تحب انو احد يهتم بيها ويشيل عنها الحمل ويوصلها ويصرف ويرقص ويغني ويجيب هدايا ويكتب شعر ويسمع ويركع ودي كلها واصفات شرشبيل بالزبط !!

    لا تظني اني بادافع عن الرجال ابدا ابدا …… انا اتمنى ان المساواه ومع كل المطالب الشائعه في الساحه واللي اظنها مقالب كبيره …… لو اتخيلت نفسي بنت وبما اني فاهم تفكير الرجال اذا من الاصح اني امشي وراه لان ببساطه المشي قدام متعب والحصان او البغل اللي يجر العربيه لازم يكون قدام واللي جالس ورا مدير ….. اما موضوع الخطبه والزواج والمعاناه النفسيه وقصه شرشبيل فدي ماهي في تفكيري مشكله الرجل او سبب مقنع عشان النقمه والشكوه. دي قله خبره وتنبله من البنات على ما اظن…… اللي ما تعرف تتشخلع وتتلون وما تعرف تلف عقل مخلوق هي اذكى منه بمأت المرات وما فلحت تسوي شي ولا شيئ ببساطه انها تسير مدرسه مثلا وبعدها تنقلب الايه وتسير هي اللي يجوها الخطباب وتنقي وترفض وتقبل على المزاج ….. تسير هي المقصره … اللي يبغا يصيد سمك لازم يحط طعم مغري زي القمبري وحيجيه السمك ولما يجيه السمك لا يرحمه يقليه وياكله واللي حاب يصيد ببكله ما راح يصيد شي بالعكس راح يتعب يده ويتب الناس بشكاويه …… عموما الايام الجيه ايام البنات وراح تزيد سلطتهم وقوتهم ومكانتهم وراح نشوف ايش النتيجه 🙂
    وبس يا ستي ….

  4. صباحك رضا وتوفيق
    عزيزتي شيماء موضوعك جميل وفعلا يحمل فكر واعي .
    وقلتي مشكله كثير من البنات ماصرحوا فيها.وهم غالبية منهم
    المشكله عندنا هي في المجتمع والأهل ببساطه مو مقتنع ان في بنت ترفض الزواج الا اذا كان في سبب ما( ودائما سوء الظن هو الغالب ) وبشكل او باخر يتم إجبار البنات على شخص غير مناسب تحت مظله ظل راجل ولاظل حيطة على قولة إخواننا المصريين والنتيجه ارتفاع نسب الطلاق واسر مفككه وأطفال مهملين ضايعين.
    وحتى لو سبحت البنت عكس التيار فتره مؤقته وتتعب لان المجتمع مايخلي الهمز واللمز مثل ( حرام عانس ، أكيد قبيحه ، يمكن فيها شيء اعوذ بالله ، مخاوية استغفر الله ……..الخ)وخوذي وخلي من التعليقات اللي توصل لإساءة السمعه والتشكيك فيها. وينسون انه كله قسمه ونصيب .
    انا طالبة طب اسنان واتعرض لهذا الموقف كثير فعذرا اثارني الموضوع وبصراحه محتاجين مثل هذه المواضيع كثير لعل وعسى يتعدل فكر على الاقل الشباب والبنات ويبتعدون عن النظرة السطحية للأمور ! ( اتمنى تكتبين عن نظرة المجتمع القاصرة للطبيبه وانا حاضرة لأي معلومات حابه تعرفينها عن الوضع )
    اقولها هنا وبكل صراحه انا لن أتخلى عن رفاهيه بيت والدي وحنان امي الا لشخص يستحق التضحيه !الانسان يشترى راحه باله !
    سلمت يمينك ولاحرمتي الأجر . 

  5. أسعد الله صبَاحكْ ياجَميلِة،،

    أبدعتِي في الطّرح وأجدْتي إختيَآر جآنب من الموْضوعْ،،
    عزيزتِي شيمَاء،
    المرْأه فِي مجتمعِنا أو المجتَمع العربِي عمومَاً طيبّة نديّة خضراء~
    ليسَ الزّواج فقطْ مايؤرّق محيطهآ الجاهِل حتّى لايرخى له جفن ولايهْدأ له بالْ حتّى يبحَث ورَاء سرّ عدمْ زواجهَا،
    المرْأه تهَاجمهَا التّسؤالآت في حياتهَا،
    تسَاؤلآت أذعنتْهآ للقدَر وأبَى الفضوليين مِمّن حَولها إلّـآ أن يخْرقوا قوَانين الطّبيعَة التّي سنّها الله فِي كونه،
    الزّوَاج قسْمة ، قدَر وَنصيبْ ،
    تمضِِي العقُود بإمرْ الله،
    وقَد ينجحُ زواجاً ويفشَل آخر،
    وإن نجحْ
    “هل إنتِ حآمل”،”لماذا لمْ تحملي بَعْد”
    وإن فشَل
    “لماذا أنتِي مطلّقة”
    ثم يطعمّون تلكْ التساؤلآت بِما هوَ أروعْ
    “مسْكينة”، جاهلين من المسكِين حقّا؛ الذّي يحيط غيرَه كالهوَاء فآرغاآ مِن كُل شئ عدا عَلآمآت الإستفهآم ذآت الأحجَآم المخْتَلفَة،

    رائعَة ياشيماآء،
    ومعجَبة أنا بفكْرك الخصْب،
    دْمتِ شَيْمآء <3

  6. للمرأة امكاناتٍ جبّارة يفقهُها العاقلُ وينتقصُ منها الجاهل.
    أجمل من ذلك حينَ يطلب مواصفات “باربي” وهو أقربُ إلى “شرشبيل”.
    “أهله اللطفاء”
    حينَ يقولون لفتاة: “والله إني أحبك يا بنتي، الله يوفقك ويرزقك ولد الحلال!”. فتُسائلُ الفتاةُ نفسها:”طيب وولد الحلال اللي عندك، شوّضعه؟!
    أعرفُ فتياتٍ من أروعِ ما يكون لايشغلهن موضوع الزواجِ بالقدر الذي يشغلُ من حولهن!، فيهم من الأدب والخلق والذوق والرقةِ الشيء الكثير
    ليست كلُ فتاةٍ لم تتزوج بعدُ فتاة “معيوبة” أو “فاقدةً لشيء”، إنما العقول التي تنظرُ إليها بتلك الطريقة هي العقولُ “المُعتلة
    جزاك الله كل خير أختنا شيماء على فكر يعتصر ألما على واقع مؤلم وعذابات.
    أهدي لك أختي ولبنات العالم كتاب الأستاذ :عبد السلام ياسين:تنوير المومنات
    الأستاذ عبد السلام ياسين – المرشد العام لجماعة العدل والإحسان: http://bit.ly/wCqV61 via @AddThis

  7. السلام عليكم ورحمة الله..
    جزاك الله خير الجزاء على ماكتبتي
    وبيني وبينك هالعالم ” الا رحم ربي” مايخلون احد بحاله .. ان تزوجت وماحملت ليه ماحملتي وكنه شي بيدها – انا اتكلم ان كان خارج ارادتها مو ماجلته-
    واذا جابت بتت قالوا مسكينه جابت بنت!! وكن البنت حرام او سوء!!
    واذا تطلقت قالوا اكيد ماتحملها!!
    ياختي خليها على ربك .. الاهم الايمان بالقضاء والقدر والحمدلله 🙂
    والا كلامهم لاجاب ولا ودا
    شكر جزيل لشخصك الكريم 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *