وِشاحٌ من نور

انعكاسُ القمر

إنهُ الليل، وفي الليلِ يصيرُ العاشقُ ملاكاً كاتباً. فيحملُ في نصفهِ الأيمنِ رسائلَ محبهِ وبجانبِ قلبهِ كلماتَ الحبِ والهَوى. أجلسُ هنا أمامَ البحر ويخيلُ إليَّ أنهُ كلهُ قلبٌ عاشق حارسهُ القمر. فانعكاسُ ضوء القمر على البحر يشيهُ كلامَ الحبِ في الليالي الشتوية، برَاقٌ ولامع وشهّي. أتدفىءُ بحُسنِ حنانكِ الذي حملتهُ معي منذُ ليلةِ البارحة فلم يفارقني. حنانُ من نحبُ وشاحٌ صوفيٌّ يقينَا بردَ الأجواءِ والجَوَى.

بينَ مدِّ البحر وجزرهِ، يرسلُ القمرُ رسائلهُ المُخملية، وأنا أرسلُ إليكَ وأنتَ في ضفةِ الحنينِ الأخرى رسائلَ تشبهُ قَلبك في صفاءهِ وروعته. وجهكَ والقمرُ عملتانِ لضياءٍ واحد يسبي العقول قبلَ القلوب. بل نوركَ المِشكاةُ التي لا ريبَ فيها، كلمَا ناظرتهُ استهَلت أوصالي وأمطرَت أعماقي.

 لا أدري كيفَ أحببتكَ، ولكني أدري أنّي مُذ قرأتُ أول كلماتكَ أنْ سيكون لي موعدٌ آخر معك، وأني مذ سمعتُ صوتكَ غارتْ النجومُ وانخسفَ القمر، فصرتَ أنت السماءَ بكل تجلياتهَا وكل عتباتهَا. وصرتُ أدعو بخشوعِ العابدِ المُذنبِ، وإلحاحِ أم موسى، وإيمانِ يعقوب، علّ قربكَ يأتيني بأيِّ طريقة لتحتضنه أضلعي التي خلقتْ من أضلعكَ قبل ألفِ سنةٍ أو يزيدون. وعلّ السماءِ إذا جادَ غيثهَا، تأتيني بخيرٍ منكَ ولو بعدَ حين. إني أرضٌ ترتجي قطراتكَ في كلِ وقتٍ وحين. فأنت لا تليقُ بك المواعيدُ ولا أنا التي تنتظرُ الوعود.

أنت نورانيٌ ومزنٌ تحملُ الجميل، وأنا الأرضُ اليبابُ التي تنتظرُ الهطول. وأني بدعائي أطرقُ أبوابَ الجنة راجيّة: اللهم ابْنِ لنا بيتاً في الجنة. كلُ أيامي معكَ لا تنمي إلى الأرض يا حبيبي بل تعرجُ إلى السماواتِ السبعِ على أجنحةِ حُبك.

لو كُنت الآن معي لطلبتُ منكَ أن تنظرَ باتجاهِ شبيهكَ القمرِ يا قِبلةَ الأشواقِ يا قلبَ الهوَى وأنْ تُأُّمنَ على كلِ دعاءٍ يتردد في صدري وتصدّقهُ عينّي. إن الدعاءَ مع من نحبُ وشاحٌ من نور. ودعائي معكَ وحدهُ بابُ فردوس.  

Similar Posts

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *