قصص ق.ج.

 

-1-

 

قالتْ لهُ يوماً: شكراً لأنكَ علمْتني أن كرةَ القدم، لغةٌ عالمية.

حينَ جاءَ موعدُ لعبِ فريقهِ المُفضل، أسرّتْ له، أنَها ستتابعُ معهُ هذه المرة. لم تكنْ تقصدُ تماماً أنَهَا ستتابعُ اللعبْ، بل ستتابعُ اندماجهُ وحماسَهُ. ترّيثَ وقال: سأرَى مالديكَ!. أجابتْ بتحدٍ: وأكثر. رتبَت المكانْ، كلُ شيءٍ في مكانهِ، كل شيءٍ قابلٌ لأن ينتثرَ بفوضويةٍ متى أرادْ. أغمضتْ عينهُ وهي تَدلهُ على المَكان. فتحتْ الباب وأزالتْ الغشاوةَ عن عينهُ. دهشةُ مشاركتهَا أعظمُ من أهدافِ المباراة. فالأشياءُ حينَ نتشاركُ فيهَا تغدو ألذّ وأطيب. كانَ كلُ شيء بلونِ شالِهَا الذي ارتدتُ حينَ لعبَ فريقهُ أول مرة وهي معه: أصفراً بلونِ اصرارهِ، أسوداً كلونِ شعرهَا..!

 

-2-

 

تُحبُ الوردْ. كلُ شيء تحبهُ هذهِ الطفلةُ أبيضاً. هذهِ المرة، سألوّنُ باقَتهَا.

وقفَ أمامَ البائعْ ، قالَ له: أريدُ باقةً مُلّونة والأهمُ أنْ تَكونَ أنيقة. نظرَ البائعُ متفحصاً أناقتهُ فجاءَ في بالهِ أن الوردَ يكونُ أشدَ رقةٍ حينَ يطلبهُ رجلٌ أنيقٌ لامرأتهِ الأنيقة بلا شك. وسألهُ: ما لونُهَا المفضل؟ فأجاب: الأبيض. وفي دقائقَ كانتْ الأزهارُ جاهزةً وكانتْ هي في آخرِ الرواقِ تمشي، امرأة تشعُ نضارة. قالَ له: تلكَ هي. أمْعَن البائعُ النظرَ وقال: لا تحتاجُ إلى وردٍ في حضرةِ الورد. هذه النضرةُ يَكفيهَا فستانِ زفاف..!

 

-3-

 

حينَ تضيقُ الدُنيا، يعودُ كلُ شيء إلى أصلهِ. هوَ يخرجُ إلى القفارِ التي احتضنتهُ يوماً. يسردُ للرمالِ قصائدهُ، ويستحيلُ الحطبُ جمراً. ينسى العالمَ كلهُ أمامَ رحابة وسعة  الصحراءِ الممتدةِ أمامه. ينظرُ إلى السماءِ ويتابعُ النجومَ التي يحفظُهَا. وحينَ تخونهُ النجومُ عمداً يبتسمُ ويتناولُ هاتفهِ، ليجدَ رسالةً صوتية تأتيهِ منْهَا بصوت (بونورة):

“اختلفنا مين يحب الثاني أكثر..

واتفقنا إنك أكثر وأنا أكثر..

من عدد رمل الصحاري..

من المطر أكثر وأكثر..”

يعودُ إليهَا وهو يدندنهَا كلَ الطريق..وحينَ تلقاهُ يُنزعُ الضيقُ منهَا لأنَ قلبهُ أصلُهَا. حنوناً كالصَبَوات حينما تهبّ فتنعش الرّوح.

Similar Posts

2 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *